العناية الإلهية - مقدمة

بالحقيقة هذه العقيدة من أصعب العقائد التي يمكن فهمها عن الله بالكامل مثلها مثل فهم كامل صفات وشخصية الله السابقة، فهي مليئة بالأسئلة التي ليس لها اجابة عن كيفية ادارة الله للكون، تساءل عنها المتألم ايوب كثيراً وكان رد الله عليه ليس شافياً لأسئلته فجاوب الله عليه في اسئلة مفادها أنك لا تعلم كل شيء عن الكون لذلك فمن الصعب عليك ان تفهم كيف اديره يا ايوب. عليك ان تتحلى بالأيمان فيّ، أنى دائما صالح وقدير ولست بعيداً بل قريب اتفاعل مع الكون، ولست مجبراً على شرح كل افعالي او الدفاع عن نفسي امام عينيك،

حقاً الله موجود وقريب ومتفاعل، وحقا الانسان حراً بحرية محدودة حقيقية معطاة له من الله، سيحاسب الانسان على افعاله، ولكن هذه الحرية لم تؤثر ابداً على حرية الله المطلقة في ان يفعل كما يشاء في هذا الكون، لذلك سيظل هذا الصراع بداخلنا طالما نعيش هنا في هذا العالم وبداخلنا الطبيعة الفاسدة، الصراع بين التطلع لاستحواذنا على أكبر قدر من الحرية لكي نصير آلهة، ورفض سلطان الله المطلق في التداخل وفعل كل ما يشاء في هذا العالم..

تكلم الكثيرين عن الاله في الاديان والفلسفات المختلفة فالبعض قال ان الله خلق العالم ثم تركه لا يعتني به وهم الربوبيين Deism، والبعض قال انه ليس للخليقة وجود حقيقي متمايز في حد ذاته لكنها جزء من الله وهو مذهب ما يسمى بوحدة الوجود Pantheism.. البعض قال ان الله يراقب فقط افعال البشر و يتدخل كرد فعل و البعض قال بحتمية قدرية و الانسان فيها ليس له دور انما مجرد دمية ..

في هذا التعليم نحاول ان نناقش الكيفية التي بها يعتني الله بخليقته وكيف يضبط احداثها فهو كما نقول عليه الضابط الكل.. فهو المتداخل والمتزامن معها في كل لحظة وهي متميزة عنه، وايضا لا مجال للصدفة او العشوائية.

والان دعنا نذهب في شرح تلك العقيدة بطريقة كتابية ثم مناقشة الاعتراضات المختلفة عليها ...

لذلك فالعناية الالهية هي: الله مشترك دائما في كل الاشياء المخلوقة بطريقة تجعله :

1- (الحفظ): يبقيها موجودة و يحافظ على الخصائص التي خلقها بها.

2- (التزامن): يتعاون مع الاشياء المخلوقة في كل عمل موجها خصائصها الغريزية لجعلها تتصرف على النحو الذي نراه.

3- (الحكم و السيادة): يوجهها لتحقيق مقاصده.