الرجولة والأنوثة الحقيقية
top of page
1/3

الرجولة والأنوثة الحقيقية


الرجولة والأنوثة الحقيقية


يتأرجح العقل الجمعي لكثير من المجموعات في كثير من البلدان حول ماهية الرجولة والأنوثة الحقيقية، فمنهم من يصل إلى عقلية "سي السيد" وهي شخصية جسدها الأديب نجيب محفوظ في رواية بين القصرين ليصف فيها رجل يتحكم في أسرته بكل معنى الكلمة للدرجة التي تخاف امرأته منه ولا يجرؤ أحد على الرد عليه، فهو الآمر الناهي رب البيت ورئيسه الذي يصل لدرجة أنه كل شيء.


ومن الجانب الآخر وكرد فعل لهذه العقلية تنمو أحيانًا عقلية الفيمينست أو ما يمكن تسميته بالنسوية وهي حركات المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة التي قد تصل بانه ليس على المرأة أحيانًا أن تحمل وتلد وتُرضع أطفالها بل يمكن للرجل أن يفعل ذلك ولو بتحدي قوانين الخليقة!


وبين الحين والآخر تطل علينا بعض مقدمات البرامج التليفزيونية اللاتي يتناحرْنَ بين تلك الصور، فإحداهن تطالب المرأة بألا تخضع لرجلها فمن حقك أن تفعلي كل ما يحلو لكِ حتى وانت تركتي له البيت والأطفال، والأخرى تدعوكِ لتدليل ذلك الفرعون الحنون البطل صاحب الطلعة البهية كخادمة تحت رجليه بمجرد أن يدق لكِ جرس الشاي أو الطعام!


فإن جانبنا الشك في أن هذا كله لهدف ركوب الترند ،أي لاستمرار الظهور على الساحة ولفت الأنظار، يمكن القول أن هذه الصور أبعد ما تكون عن حقيقة الرجولة والأنوثة الحقيقية كما قصدها الله. وقصدي من هذا المقال هو الحديث عن الرجل والمرأة في إطار الزواج بشكل خاص وليس في الحياة عامة.


قد خلق الله الإنسان على صورته ذكرًا وأنثى، رجلًا وإمرأة، وكلاهما لهما نفس القيمة والمكانة أمام الله، وكلاهما لهما نفس الخلاص المقدم في المسيح يسوع بالإيمان والنعمة وحدهما. لذلك فالرب يسوع هو رأس للمرأة كما هو أيضًا رأس للرجل بشكل عام باعتبار ان المسيح هو رأس الكنيسة ككل. فالمرأة خاضعة مباشرة للرب ولا تحتاج لوساطة الرجل لتكون في علاقة حقيقية مع الرب يسوع!

ولكن، خلق الله الرجل والمرأة لأدوار مختلفة، فما يميز الرجل عن المرأة هو قيادته للعائلة، فكما يعلم الكتاب المقدس الرجل رأس المرأة كنوع من الترتيب والنظام داخل العائلة، فالرجل رأس لامرأته أي زوجته وليس رأس لكل السيدات! 


فالعائلة هي انعكاس قوي وواضح لعلاقة المسيح والكنيسة (اف 5: 22 - 33)، فعلى الرجل أن يحب زوجته ويبذل حياته من أجلها كما أحب المسيح الكنيسة، فهذا هو التحدي الأكبر أمام الرجل ليحيا كما المسيح، هذه نوع من الإماتة لقلب الرجل الفاسد الذي يبحث عن كبريائه، فهذا الرأس ينحني ليصير خادمًا مُحبًا طواعية، عاكسًا محبة المسيح لزوجته وعائلته. هذه المحبة التي تُخلّص وتحمي وترعى وتدبر ولا تهرب من المسؤولية مهما كانت. 


أرى كثيرًا من الرجال يعاملون زوجاتهم كخادمات لهم متأثرين بعقلية سي السيد، وعندما تكل زوجاتهم يتذمرون ملقين الحمل كله على زوجاتهم اللاتي قد يكنّ حاملين كل شيء على عاتقهن دون أدنى مساعدة او تدخل من رجل لا يرى في نفسه سوى المُستحق لكل اكرام! أين المسيح من قلبي ان كنت أنا هذا الرجل؟ 


وعلى الصعيد الآخر يعلّم الكتاب المقدس ان تخضع المرأة لرجلها في كل شيء، كعلامة لخضوعها الأول للرب، لذلك ليس على المرأة أن تخضع للرجل في صنع الخطية مثلًا أو صنع شر لأن رأسها الأعلى هو الرب نفسه. وليس على المرأة أن ترى نفسها ذليلة لكل رجل بشكل عام كأنها مخلوق درجة ثانية. ولكن هذا الخضوع هو انعكاس لخضوع الكنيسة للمسيح، ليس في هذا أن تلغي المرأة شخصيتها وعقلها الذين منحهما لها الله لتكون معينة لرجلها، بل أن تستخدمه لتعين رجلها ليكون هو صورة المسيح في البيت أيضًا. لتكون غاية الزواج ليس المتعة في الحياة ولا التكاثر ولا السعادة في حد ذاتها فقط، بل أن غاية الزواج المسيحي هو مجد الله، أي ليكون لانعكاس صورة خلاص المسيح للمجتمع.


عزيزي الزوج.. لا تتخلى عن دورك ومسؤوليتك، كن كالمسيح الذي أحب كنيسته وأخلى نفسه من أجلها وهي بعد في الخطية فمات لأجلها..


كن كالمسيح الذي لم يركز على ذاته لكنه أحتمل من أجل السرور الموضوع أمامه كل الخزي والعار ليحضر لنفسه كنيسة لا عيب فيه ولا ضعف..


كن كالمسيح الشفيع وليس المشتكي، فإن كانت زوجتك لا ترضيك، إذهب نحوها الميل الثاني والثالث والرابع.. كما أحب المسيح الكنيسة للمنتهى.. يومًا ما سيتغير الأمر.

.

ما يميزك كرجل هو المثابرة نحو الهدف، هذا هو الرجل الحقيقي كما خلقه الله، رجل شجاع لا يتراجع، مهما عانى من آلام، هذا ما فعله المسيح إذ ثبّت نظره نحو أورشليم ليحمل الصليب.. 


لا تكن إلا رجلًا بحق! لا تتخلى عن زوجتك، أطلب من الرب أن يظهر فيك ومن خلالك لزوجتك..


المسيح يقدّم نعمة خاصة للأزواج في هذا الأمر، لا تقُل تعبت من النكد والهم والضغط والمسؤولية، فهذا ما خُلقت لتغيره وتواجهه، خلقت لتكن رجلًا محاربًا وليس خانعًا ضعيفًا.. 


أختي الزوجة.. لا تتخلي عن زوجك فليس جيدًا أن يكون وحده، أنتِ من خلقك الله لتعينيه على دوره.. في احترامك له أنتِ تحترمين الرب نفسه، حتى وان كان زوجك لا يشبه الرب على الإطلاق حتى الآن!


كوني ككنيسة عفيفة مُخلِصة لزوجها، تخلصي من فساد القلب الذي يدفعك للنزاع على السلطة فهذه لعنة السقوط: إلى رجلك يكون اشتياقك، أي إلى السيادة على رجلك سيكون إشتياقك، ولكنه لن يرضى ويسود عليكِ فينشأ النزاع..


تحولي من المُصارع الخصم إلى المصارع بجانبه ضد متاعب الحياة، فزوجك يحتاجك مهما ظهر في الخارج أنه كائن مستقل.. فهو يحتاج لحنانك وحكمتك.. يحتاج لصبرك ولُطفك، بل فهو يحتاج لاحترامك وتقديرك أكثر من أي شيء..


لا تعامليه كالابن المُدلل ولا كالسيد الآمر الناهي ولا كالند الذي يهدد وجودك وكينونتك.. بل عامليه كالشريك الذي دوره أن يقود العائلة.. لا تسحبي من تحت رجليه سجادة القيادة ولكن إدعميه فيها..


وان كان متسلطًا وفظًا تعاملي معه بنعمة وتواضع عسى أن يعطيه الله لينًا ونعمة.. في كل الأحوال هو يحتاج أن يرى فيكِ محبة المسيح أيضًا.. 


عزيزي وعزيزتي المقبلين على الزواج لا تذهبوا للعالم لتتعلموا عن الرجولة والأنوثة الحقيقية لكن اذهبوا للصليب وللكتاب المقدس لتعرفوا كيف يجب أن يكون الزواج الحقيقي..



Recent Posts

See All
bottom of page