لا تغيظوا أبناءكم!
top of page
1/3

لا تغيظوا أبناءكم!


لا تغيظوا أبناءكم!


تربية الأطفال ليست بالشيء الهين، فإني أعرف الكثيرين من أصدقائي الذين يرعبهم كون أنهم مسؤولين عن أطفال صغيرة. وكلما يسمعوا عن قصص من مراهقين مثلًا عن كيف أن آباءهم وأمهاتهم قد ربّوهم بطريقة مسيئة، يزدادون أكثر في الخوف من إنجاب أطفال أو على أقل حال التعامل بكل حذر مع أطفالهم مستخدمين بعض الطرق الحديثة التي يقولها أصحاب نظريات التربية الإيجابية لكي تربي طفل سوي من وجهة نظرهم!


ولكن سرعان ما لاحظت كيف أنهم يحتملون القليل وبسرعة ينفجرون غيظًا وغضبًا أمام أطفال لا يحترمون الكبير، او لا يطيعون الآباء، أو يستغلون كل حيلتهم في محاولة التمرد، ولكن لكونهم كأطفال لا يملكون الخبرة في الحياة التي لنا نحن الكبار، فمن السهل كشف ألاعيبهم بسهولة.


أنا لست أريد هنا أن أتكلم عن أساليب التربية الكتابية، لكني أريد أن أسلط الضوء على الغرض من تربية الأطفال.


أولًا عزيزي الآب وعزيزتي الأم، عليكم أن تفخروا أن الله ائتمنكم على طفل وأعطاكم الوقت الطويل لتربيته. فعلى خلاف الخدمة في الكنيسة، او التدريس في المدرسة، فالله وضعكم في موضع قيادي ذو سلطان على أطفالكم. وأوكلكم لترعوا قلب هذا الطفل قبل جسده.


لذلك تخلى عزيزي عن الخوف من تربية الأطفال، ولكن تحلى بمخافة الرب، مدركًا أن هذه المسؤولية ليست مجرد مسؤولية اجتماعية فقط، ولكنها مسؤولية أمام الله أولًا. 

ولكن افرحوا أيضًا فبين يديكم إنسان وُلد في العالم ليتمم مقاصد الله له. وانتما أداة لتهيئة هذا الإنسان لصنع ما يريده الله أن يفعل. 

فإن كان آباؤنا ربونا حسب استحسانهم، فأنت الآن كبرت وأمامك كلمة الله لتتعلم منها كيف تربي أبنائك.


أول ما يعلمنا الكتاب المقدس عن الإنسان في صغره أنه مولود بالخطية (مز 51: 5). وأن الجهالة مرتبطة بقلب الولد (ام 22: 15). ولذلك فأنت لا تتعامل مع صفحة بيضاء يُشكلها المجتمع والتربية، ولكنك تتعامل مع إنسان مثلي ومثلك يعاني من الفساد الكلي.


فقبل أن تتعامل مع مأكله ومشربه وملبسه وتعليمة المدرسي، عليك أن تقود قلبه لمعرفة المسيح. لذلك عزيزي الأب عزيزتي الأم، عليكم أولًا معرفة شيئًا هام وهو أن طفلكم لا يغيره شيء إلا نعمة الله. ولكن عليك توجيهه إليها. لا تتوقع ان ابنك سيكبر كشخص مطيع كامل لا يلتوي ولا يكذب ولا يتصرف بأنانية، ولكن على العكس توقع كل هذا وبالرغم منه قدم له حبك غير المشروط كانعكاس لمحبة الله لنا نحن شعبه.


فكر معي للحظات، هل تدرك أنك أنت أيضًا أيها الأب تحتاج لنعمة الله لكي تستطيع أن ترضيه، فلولا هذه النعمة لا تقدر أن تقترب لله ولا أن ترضيه، ولكن الله بين محبته ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. (رو5: 8).


لذلك ان كنت تريد أن تكون صورة الله لأبنائك عليكم ان تبين محبتك لهم وهم بعد خطاة.


فأبنائنا يغتاظون عندما لا يرون فينا هذا الحب. بكل تأكيد هذا الحب يحتمل ويصبر، ولكنه يؤدب أيضًا. لا تفهم مني أن معنى الحب هو التساهل أمام الخطأ. فهذه ليست صورة الله القدوس.

ولكن لكيلا تغيظ ابنك او ابنتك عليك أن تحبهم أولًا. ليست محبة الآباء العاديين فقط، لكن بنفس نوعية محبة الله لشعبه. الذي قبل أن يعاقبهم يرسل لهم الإنذارات ويلاطفهم ويعطيهم الوقت والحنان والرعاية.


الله الذي أعطى نفسه لشعبه، قائلًا: وأكون لكم إلهًا. (خر6 : 7).

نُغيظ أولادنا حينما نتوقع منهم أكثر مما يقدرون أن يفعلوا، فيفشلون (كو 3: 21)

نغيظ أولادنا حينما لا نكون المثال والقدوة أمامهم..

نُغيظ أولادنا حينما لا ندرك مشكلة قلبهم ولا نتعامل معهم بالنعمة والرحمة..

نُغيظ أولادنا حينما لا نحميهم من قلوبهم المتمردة إذ لا نضع أمامهم الحدود والوصايا..

نُغيظ أولادنا حينما يخطئون فنشعرهم انها نهايتهم ولا رجاء لهم.. 

نُغيظ أولادنا حينما لا يجدوننا كالأب في مثل الابن الضال الذي ينتظر الرجوع في كل وقت.. 

نُغيظ أولادنا حينما نستخدم سلطتنا لقهرهم لا لقيادتهم لنعمة الله.. 


إذا كنت تريد ألا تغيظ أبناءك، عليك أن تتأمل في أبوة الله أولًا، لا تنتظر من نفسك ان تكون أب صالح طالما أن كلمة الله ليست لها السلطان في حياتك. فمن الكلمة نعرف الله وبروحه يغيرنا لنكون مثله.


إذا كنت تريد ألا تغيظ أبناءك، عليك أن تعطي نفسك أولًا لله كذبيحة حية طائعة وتائبة باستمرار، لا تنتظر أن تكون أب صالح طالما أنك انت نفسك متمرد على سلطة الله.


إذا كنت تريد ألا تغيظ أبناءك، عليك أن تتحلى بالتواضع والصبر، فأنت لا تغيرهم، الله وحده يفعل ذلك. ولكنك أنت أداته. تحلى بالفخر، ولكن بالاتضاع.


إذا كنت تريد ألا تغيظ أبناءك، فاترك عنك الغضب، واذهب كل يوم إلى أبيك السماوي وجدد قوتك وانت منتظر نعمته التي تعمل فيك وفي عائلتك.


إذا كنت تريد ألا تغيظ أبناءك، عليك أن تمضي أيضًا وقت مع أولادك، فهذه العطية أهم من العمل والخدمة وعليك رعايتهم، هم يحتاجون إلى قلبك قبل أموالك، وإلى حنانك قبل أوامرك، وإلى أبوتك وحمايتك قبل تسلطك عليهم.


144 views0 comments

Recent Posts

See All
bottom of page