بعض الأخطاء الشائعة عن الاختبار المسيحي والامتلاء بالروح القدس
· من الأخطاء الشائعة هي التفكير ان الروح القدس في العهد الجديد يمكن ان يفارق المؤمن، فالروح القدس قد يحزن او ينطفئ داخل المؤمن الضعيف او من يستبيح خطية معينة لبعض الوقت (وقطعاً هو يقع تحت التأديب لكي يرد) ولكن الروح القدس لا يفارقه، فلا يجب علينا مثلا الصلاة مثل داود عندما قال في مز51: روحك القدوس لا تنزعه مني. وذلك لأنه رأى قبله شاول الملك عندما فارقه روح الرب وبغته روح شرير. فهذا لا يحدث في العهد الجديد لكن يمكن فهم هذه المقاطع بطريقة وظيفية وليست السكنى الاقنومية، بمعنى ان مفارقة الروح بالنسبة لنا هي عدم تأييد الروح القدس لخدمتنا إذا كنا غير طائعين له، لكنها ليست المفارقة فسنظل نحن هيكله الى ان يأتي المسيح ثانية.
· خطأ آخر يرتكبه البعض وهو ربط الامتلاء بالروح القدس بظهور موهبة روحية مثل التكلم بألسنة وإلا لا يكون الشخص ممتلئاً بالروح اما لعدم ايمانه او ان هناك خطية معينة تعوق هذا الامتلاء، وهذا خطأ شنيع لأنه يضع حملاً على المؤمن لا يمكن وضعه، وذلك افتراضاً ان الامتلاء بالروح هو اختبار ثانٍ بعد الايمان، والبعض يتطرف أكثر ويقول ان حتى سكنى الروح القدس اختبار ثانٍ بعد الايمان يمكن ان يحدثا معاً او لا، معتمدين في ذلك على تفسيرهم لما حدث في سفر اعمال الرسل الاصحاح الثامن:
- وهو يحكي قصة قبول السامرة للكرازة والايمان عندما بشرهم فيلبس(احد الشمامسة وليس فيلبس الرسول) ولكن بعدما سمعوا الرسل ان السامرة قد قبلت البشارة ارسلوا اليهم بطرس و يوحنا فوضعوا عليهم الايادي و قبلوا الروح القدس ، وهنا يقولون انه هناك فارق زمني بين قبول المسيح والمعمودية باسمه و بين قبول الروح القدس وهو ما يتم بوضع الايدي ، وفي هذا خطأ كبير متعلق بكيفية تفسير الكتاب المقدس، لأنه كما ناقشنا في بداية هذه الدراسة عن أدوات تفسير الكتاب المقدس ،أكدنا على انه يجب احترام طبيعة السفر و القرينة اولاً و ايضاً انه عندما اجد ان الخط العام في الكتاب يتجه نوح تفسير ما ولكنني اجد حادثه (بالأخص لو مذكورة في سفر تاريخي مثل اعمال الرسل) يجب عليّ التوقف و السؤال لماذا ذكر هذا ، ولا يجب عليّ انشاء عقيدة من مصدر واحد
ولتفسير تلك الحادثة يجب الفهم انها حالة شاذة عما يعلمه باقي العهد الجديد ولفهما يجب التأكيد على الموقف الرسولي أي ان الرسل هم من اؤتمنوا من المسيح على الحكم على نوعية الايمان عندما اعطاهم الرب يسوع السلطان لما نفخ فيهم الروح القدس و قال :مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».((إنجيل يوحنا 20: 23), ولكن النقطة الأهم هي موضوع السامرة : لما لها من عداوة مع اليهود نتيجة تاريخهم من بعد السبي و اختلاطهم بالأمم مما يجعل اليهود يرونهم انهم ليسوا من شعب الله و هم نجسون ، ولكن فعل الله هذا الموقف الشاذ مع السامرة لكي يعلن امتداد الملكوت من اورشليم و الى اليهودية و السامرة و الى اقصى الأرض (وهذا في الأصل هو غرض من أغراض كتابة سفر اعمال الرسول- أي شرح كيف امتدت الكنيسة الى اقصى الأرض) و لكي يزيل تلك العداوة من السامرة لكي لا تراهم كنيسة اورشليم انهم اقل منهم ، فبنفس الطريقة التي آمن بها اليهود في اورشليم من خلال عظة بطرس ووضع ايدي الرسل عليهم ، كذلك رأى الله في حكمته انسكاب الروح القدس على السامرة من خلال الرسل بطرس و يوحنا ايضاً . وهو ما تم ايضاً للأمم من خلال كرازة بطرس في بيت كيرنيليوس في اع 10.
- وكذلك نرى مقطع آخر يفسره البعض خاطئين في سفر اعمال الرسل الاصحاح ال 19: عندما يذكر زيارة الرسول بولس الى افسس وهناك وجد تلاميذ (يفسر البعض هنا ان هؤلاء كانوا مسيحيين- وهم لم يكونوا كذلك) فقال لهم بولس: هل قبلتم الروح القدس لما آمنتم؟ فقالوا له ولا سمعنا عن الروح القدس؟ ، وهنا يفسر البعض انه يمكن ان يكون البعض مؤمنين بالمسيح لكن لا يسكن فيهم الروح القدس ، وهنا مغالطة كبيرة اذ ان باقي المقطع يتحدث انهم اعتمدوا بمعمودية يوحنا وهي مختلفة تماماً عن المعمودية باسم المسيح ، لأنها فقط معمودية كعلامة للتوبة و ليس اتحاداً بالمسيح في موته و قيامته كما تقول الرسالة الى رومية الاصحاح السادس، و عليه فقد شرح لهم الرسول بولس الفارق بين يوحنا المعمدان و المسيح ، ولما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع ووضع الرسول بولس عليهم يديه وامتلأوا من الروح القدس. وهنا نقدر ان نقول انهم تحولوا ليصبحوا مؤمنين بالمسيح، وما سبق كان خطوة في ايمانهم الكامل.
- وهذا لا يحدث الآن في الكنيسة لأن الروح القدس قد سكب على الكنيسة وكل عضو جديد يؤمن ويعتمد باسم الرب يسوع يسكن فيه الروح القدس تلقائياً ولا حاجة ان يكون الاثنان اختباران يفصل بينهم فترة من الزمن، ولكن ما دون في سفر اعمال الرسل التاريخي هو تسجيل تاريخي لبداية وتأسيس الكنيسة الأولى وانتشار الايمان من خلال الرحلات التبشيرية الى اقصى الأرض آن ذاك، وكيفية عمل الروح القدس في الكنيسة لضمان انتشار الكلمة حتى وقت الاضطهاد. لذلك يوم الخمسين لا يتكرر الآن كعمل جماعي مثلما حدث للرسل و التلاميذ المجتمعين في العليقة ، لأنهم ايضاً حالة شاذة تاريخية اذ انهم كانوا مؤمنين بالمسيح من اليهود شعب الله العارف به ، الذي كان روح الله يعمل فيه قبل حتى السكيب يوم الخمسين، لكن يوم الخمسين هو النقلة النوعية لعمل الروح من العهد القديم للجديد ، هو يوم تدشين الكنيسة و على مدار سفر الاعمال كان الروح يتقدم بالكنيسة لكي يتمم الوعود التي كانت لليهود لكي يشترك فيها الأمم ايضاً لذلك ايضاً هذا التتابع من كون الكنيسة يهود فقط الى الوصول الى ان تضم اليهود و السامريين و الأمم في اقصى الأرض لا يتكرر مرة أخرى ولكن يتسع ليضم باقي المختارين من كل امة و شعب ولسان ، وعليه ، يجب فهم هذه المقاطع في سفر اعمال الرسل على هذه الخلفية و عدم انشاء عقيدة متنافية مع باقي الإعلان الإلهي في العهد الجديد كما ذكرنا في البداية عن سكنى الروح القدس .
· خطأ آخر يمكن الوقوع فيه هو تفضيل بعض مواهب الروح القدس عن الأخرى او تمييز ما هو خارق للطبيعة من وجهة نظرنا (كالشفاء واعمال القوات.. الخ) عن المواهب التي تبدو من وجهة نظرنا طبيعية (مثل التدبير او اعمال الرحمة او التعليم ... الخ) غير عالمين ان أي موهبة هي معطاة لنا بالروح لأن أي شيء لنا لم نأخذه من الله؟ فلا يوجد تمييز في المكانة بين موهبة او أخرى لكن علينا اخترام المواهب وإعطاء أي دور يعطيه الروح لنا كرامة مهما كان صغيراً لأن الله لا يخطئ وكل عطاياه هي بالنعمة لنا وهو من سيحاسبنا على طاعته واستثمار المواهب لمجد اسمه.
Comments